كاتب المقال : نداء الوطن
تُواصل القوى السياسية لعبتها الأحبّ إلى قلبها وهي التعطيل، وذلك لكسب أكبر قدر من الحصص، خصوصاً وأن أساساتها ضُربت وتضعضعت بعد إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019.
لا شكّ أن الأحزاب والتيارات والقوى الأساسية تُفكّر بالحكومة التي يعمل الرئيس المُكلّف نجيب ميقاتي على تأليفها بالتشاور مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكن عينها على الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار من العام المقبل، وهذه الإنتخابات مفصلية، فإذا ثبّتت نفوذها وحجمها يكون القطوع قد مرّ، وفي حال خسرت فذلك يعني أن القبضة الحديدية لهذه القوى قد شارفت على النهاية.
واليوم هناك أربع قوى أساسية تُمسك بمفاتيح اللعبة الحكومية والسياسية في البلاد، وتتمثّل بـ”التيار الوطني الحرّ” وتيار “المستقبل” و”حزب الله” وحركة “أمل”، فيما يعيش كل من الحزب “التقدمي الإشتراكي” و”القوات اللبنانية” على هامش اللعبة ولا يدخلان كقوة مؤثرة في عملية توزيع السلطة.
وبات معلوماً أن الإنتخابات ستتركّز بشكل أساسي في الدوائر ذات الغالبية المسيحية والسنية. فعند المسيحيين، يواجه “التيار الوطني الحرّ” برئاسة النائب جبران باسيل معركة حياة أو موت، فوجوده السياسي مهدّد بعدما إستنزفت السلطة كل مقوماته وكشفت فشله في إدارة البلاد.
ومن جهته، فان الرئيس سعد الحريري سيكون أمام معركة مفصلية، خصوصاً وأن تراجعه على الساحة السنية والوطنية بات واضحاً وقد خسر معركته أمام باسيل والعهد، وحُمّل جزءاً من مسؤولية التعطيل، لا سيّما وأنه حاول خطف التكليف في جيبه غير آبه بمعاناة اللبنانيين ولم يُقدم على خطوة الإستقالة إلا بعد مرور فترة طويلة جداً على تكليفه. والأكيد أن القوى السياسية تواجه ضغطاً دولياً من أجل إحترام موعد الإنتخابات النيابية، لكن حتى الساعة عندما يُسأل كل من بري و”حزب الله” والنائب السابق وليد جنبلاط والحريري عن موقفهم من إجراء الإنتخابات يقولون “إنشالله تصير” ولا مانع من إجرائها، لكن أجوبتهم مبطّنة ولا تحمل جزماً بأن الإنتخابات ستحصل في موعدها.
ويبدو الخوف واضحاً عند كل القوى من تبدّل المزاج الشعبي، وإذا كان “حزب الله” يعمل على تسكير ساحته عبر استعمال “الفريش” دولار من إيران ومن مصادر تمويله المشروعة وغير المشروعة، إلا أن هناك بيئة قد انتفضت بعدما ذاقت الويلات مثل كل الشعب اللبناني وتطالب “حزب الله” بفعل شيء وتعد بالمحاسبة.
وتبقى الساحة الشيعية والدرزية أقل تأثراً نظراً لوجود ضوابط، فـ”الثنائي الشيعي” يرفع شعار حماية المقاومة والصمود والتحدّي، في حين يستعمل جنبلاط لعبة الأقلّيات ويحاول قدر المستطاع تأمين حاجات طائفته بالحدّ الأدنى ويعتبر أن الأقسى لم يحلّ بعد. وإذا كانت الإنتخابات النيابية محطة للتغيير إلا أنها تُشكّل عاملاً أساسياً في كسر سيطرة “حزب الله” على الأغلبية البرلمانية، والأهم من هذا كله أنها تشكل عاملاً حاسماً في التأثير على الإنتخابات الرئاسية التي إن حصلت ستبدّل الموازين الداخلية وتُنهي سيطرة “حزب الله” على بعبدا