كاتب المقال : الشرق الأوسط
توافُق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي على ترحيل الجولة الخامسة من مشاورات التأليف إلى غد الخميس يؤشر إلى أن المفاوضات بينهما عادت إلى حيث انتهى إليه الرئيس سعد الحريري واضطر للاعتذار، ولا يعود كما قيل إلى أن صعوبة ترحيلها إلى أمس بسبب انهماك عون في التحضير لمواكبة أعمال المؤتمر الدولي الثالث لدعم لبنان الذي يرعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
فانعقاد هذا المؤتمر بالتزامن مع مرور عام على انفجار مرفأ بيروت هو رسالة دولية موجّهة ضد المنظومة الحاكمة والطبقة السياسية محمّلة إياهما مسؤولية انهيار البلد، وتأتي بمثابة عقاب لهما على إمعانهما في الفساد وهدر المال العام وسوء إدارتهما ما أدى إلى تحلّل وزارات وإدارات الدولة ومؤسساتها باستثناء القوى الأمنية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية التي كانت ولا تزال على مسافة واحدة من الجميع ولم تنجح المحاولات الرامية لاستخدامها في معارك سياسية.
فالذرائع التي استعين بها لتبرير عدم مواصلة مشاورات التأليف أمس لا تنطلي على أحد، لأن الدولة غير معنية بما سيصدر عن المؤتمر الدولي، وبالتالي لن تكون صلة الوصل بين تنفيذ القرارات التي ستصدر عنه وبين المستفيدين منها وتحديداً الهيئات والجمعيات العاملة في المجتمع المدني والمؤسسة العسكرية والقوى الأمنية الأخرى لانعدام الثقة الدولية بالطبقة السياسية مع إدراج عدد من رموزها على لائحة العقوبات الأوروبية بدعم أممي.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة لأجواء الجولات الأربع من المشاورات بين عون وميقاتي بأن ترحيل الجولة الخامسة إلى غدٍ الخميس يعود إلى تفادي انعقادها عشية حلول الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، لئلا ينسحب عليها الخلاف الذي ساد الجولة الرابعة ما يوفر للمشاركين في إحياء هذه الذكرى الأليمة مادة سياسية دسمة من شأنها أن ترفع منسوب الغضب مع انقضاء عام على استقالة حكومة حسان دياب التي تعتبر من وجهة نظر المنضوين في الحراك المدني بأنها استقالت من مهامها قبل أن تستقيل رسمياً.
وكشفت المصادر أن الجولة الأخيرة من المشاورات انقضت بعد مضي 25 دقيقة على انعقادها على خلاف بين عون وميقاتي الذي اضطر إلى خفض منسوب التفاؤل الذي لم يكن موجوداً في الأساس وإنما أراد ميقاتي من تفاؤله الحذر الإبقاء على فسحة لمواصلة المشاورات لعلها تفتح الباب أمام عون للتسليم بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة لكن ميقاتي اصطدم بشروطه التي كانت وراء العودة إلى نقطة الصفر.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن ميقاتي تواصل فور انتهاء الجولة الرابعة مع صديق له في فريق العمل الفرنسي الذي كلّفه ماكرون بمتابعة الاتصالات بالمكوّنات السياسية الرئيسة لحثها على الإسراع بتشكيل الحكومة لأن من دون وجودها لن يحصل لبنان على مساعدات لوقف الانهيار، وسألت إذا كان تعثُّر مفاوضات التأليف سيمهّد حتماً لترجمة الضمانات الخارجية التي كان تحدّث عنها ميقاتي لإخراج البلد من أزماته؟ أم أن عون يستقوي عليها بالاعتماد على «حزب الله»؟
وأضافت أن ميقاتي أصر على موقفه بعدم تطبيق المداورة في توزيع الحقائب السيادية في مقابل مطالبة عون بوزارة المال أو أن تكون الداخلية هي البديل ومعها وزارة العدل، وهذا ما أدى إلى اختصار اللقاء بـ25 دقيقة، خصوصاً أن عون اشترط الموافقة أن تكون الداخلية والعدل من حصته للانتقال إلى البحث بأسماء الوزراء، ملمّحاً إلى تطعيم الحكومة بوجوه سياسية يوكِل إليها إبداء وجهة نظره في جلسات مجلس الوزراء التي تعقد بغيابه برئاسة ميقاتي.
وقال رئيس حكومة سابق، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة ليست في توزيع الحقائب أو الأسماء وإنما تعود إلى عدم إنضاج الظروف السياسية لتسريع ولادة الحكومة غامزاً من قناة «حزب الله» الذي يستقوي به عون في موقفه