كتبت الانباء الكويتية
استبق المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى تطرق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى إمكانية الاعتذار عن تشكيل الحكومة، في الاجتماع الذي عقده المجلس برئاسة المفتي الشيخ عبداللطيف دريان وحضور الحريري شخصيا أمس، بإعلانه الرفض المطلق للاعتذار الذي هو في الحالة السياسية الراهنة التي يتخبط بها البلد بمنزلة انتصار للفريق المعطل.
وخلافا لما توقعته الأوساط السياسية القريبة من الفريق الرئاسي ووسائل الإعلام المواكبة له، فإن الحريري لم يطرح مثل هذا الاحتمال، إلا انه عاد وابلغ المجلس انه يعتذر عندما يرى أن المصلحة الوطنية العليا تتطلب ذلك.
وغادر الحريري الاجتماع تاركا لأعضاء المجلس التشاور في الموقف، وخرج ليدلي بتصريح مختصر لوسائل الإعلام جاء فيه «جئت إلى دار الفتوى واجتمعت بالمجلس الشرعي وشرحت لسماحة المفتي وللمجلس ما جرى معي خلال الأشهر السبعة الماضية، وجرى حوار بناء ومهم خلال الاجتماع. البلد يشهد تدهورا سياسيا واقتصاديا كل يوم. عيني على البلد وكذلك عين سماحة المفتي والمجلس، وما يهمنا هو البلد في نهاية المطاف. هذا فحوى ما دار خلال اجتماع المجلس وان شاء الله نعود ونتكلم لاحقا».
المجتمعون في دار الفتوى خرجوا بانطباعات تشي بخطورة الوضع في حال استمر البلد بلا حكومة خصوصا على صعيد الدولار، الذي لن تكون له حدود كما يبدو، كما لا استقالة من مجلس النواب، وبالتالي لا انتخابات قبل تشكيل الحكومة، بل ذهاب إلى المؤتمر التأسيسي، الذي ثمة من يسعى إليه.
ولاحظ المجتمعون، وفق المصادر المتابعة لـ «الأنباء»، أن حكومة تصريف الأعمال لا تعمل، وانه مهما كانت الحكومة الجديدة تبقى افضل على صعيد تسيير الحياة اليومية للمواطنين الذين يتعرضون لشتى أنواع الإذلال في سعيهم اليومي للغذاء والدواء والمحروقات فضلا عن المستلزمات الطبية، التي تسيطر عليها مافيا، تضاهي بالسوء مافيا الدواء والمحروقات. وحمل بعض الحاضرين الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل مسؤولية الانهيار الحاصل في لبنان منذ 19 أكتوبر 2019، ولاحظوا ان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد يكون الداعم الوحيد للحريري، مؤكدين على أن مبادرته مستمرة ويتعين دعمها بإخلاص.
أما الآن فإن الصبر مفتاح الفرج، والمستهدف اليوم هو الاعتدال في لبنان، ورد البعض معتبرا الاعتذار «بمنزلة استسلام، والحريري لن يستسلم»، كما ان الاعتذار سيكلف لبنان غاليا، على صعيد الدولار المستأسد في السوق السوداء عدا كونه يشكل انتصارا لمحور الممانعة الممثل بالرئيس عون «وولي عهده» جبران باسيل.
وفي نهاية الجلسة، أصدر المجلس بيانا أكد فيه أنه لا يمكن السماح بالمس بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، وأي سعي إلى أعراف جديدة فيما يتعلق بالدستور أو باتفاق الطائف أمر لا يمكن القبول به تحت أي حجة من الحجج، كما أكد على دعم الرئيس المكلف وصلاحياته ضمن إطار الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني، وحمل المجلس مسؤولية التأخير في التأليف إلى من يحاول أن يبتدع طرقا ووسائل وأساليب تلغي مضمون وثيقة الوفاق الوطني التي هي مكان إجماع القيادات اللبنانية الحريصة على استقلال لبنان ووحدته وسيادته وعروبته.
وشدد المجلس في بيانه على أهمية ضرورة استمرار مفاعيل المبادرات التي قدمت من قبل فرنسا ورئيس مجلس النواب نبيه بري، أملا أن تثمر حلا قريبا.
وختم: لقد حولوا لبنان المزدهر إلى دولة فاشلة، ولابد من كلمة حق في وجه سلطان جائر.
ويبقى أن الأزمة الحكومية تراوح مكانها، ومن مهلة أسبوع إلى أسبوع آخر، مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تتعثر، وغطاء حزب الله لهذه المبادرة الى انحسار يتراوح بين التلقائي والمقصود، وهو إما فشلها تناغما مع «دوامة فيينا النووية»، وإما فشلها بالمطلق.
في هذا الوقت، لاتزال عناصر «الانفجار المجتمعي» المدروس تتجمع ليليا في الساحات والشوارع، ومعها المظالم المعيشية التي لم يعرفها اللبنانيون منذ الحرب العالمية الأولى، بعد تحول بعض التجار إلى لصوص بشراكة المنظومة السياسية، فيما رئيس التيار الحاكم جبران باسيل ينافس المواطنين في الشكوى من اختفاء الأدوية، من الصيدليات والمستودعات. والإضراب الرمزي لأطباء لبنان، الذين استنجدوا بمنظمة الصحة العالمية لإنقاذ الوضع، بينما الدولار الأميركي يواصل تحليقه في فلك الليرة اللبنانية.