كاتب المقال : غابي ايوب / المرصد اونلاين
يرى مراقبون أنه إن لم يصل الصراع إلى مواجهة عسكرية، فإنه سيزيد من المواجهة السياسية بين إيران والسعودية في لبنان
يرى البعض”أن قادة ايرانيين يفتخرون الآن بالسيطرة على عدة عواصم عربية، وهي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، ويتحدثون عن الامبراطورية الفارسية التي تتمدد في المنطقة، ونحن كعرب لا يمكن أن تقبل هذا الوضع. لا يمكن مثلا أن نقبل أن يكون لبنان هو مجرد فرع للمقاومة الاسلامية التي تقودها طهران”.
والبعض الاخر يقول :”ليس من حق السعودية أن تقرر من يحكم سوريا، وتشارك في الحرب على سوريا لمجرد أن واشنطن أرادت أن تتخلص من النظام الحالي، وليس من حق السعودية أن تشن حربا على اليمن لأن اليمنيين أختاروا طريقا مخالفا لما تريده السعودية، ولايمكن تضغط سياسيا واقتصاديا وماليا على لبنان لان حزب الله موجود في الحكومة وهو شريحة واسعة من الشعب اللبناني..
الرأي السائد هو أن أيران وحزب الله نجحا في منع التنظيمات التكفيرية من التمدد في سوريا وفي العراق، ويبدو التوجه العام لابناء بيروت والجنوب واضحا نحو ما يجري في سوريا، إذ يقرون بأن حزب الله دفع ثمنا باهظا نتيجة مساندته لنظام بشار الأسد، ولكن لولا جهود الحزب، الذي تدعمه ايران عسكريا وماليا، لتمكنت الجماعات المتطرفة، مثل جبهة النصرة وما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية”، من السيطرة على سوريا، وبعدها كانت ستوجه سلاحها الى لبنان..
وعلى النقيض، تبدو الصورة مختلفة تماما عندما تنتقل الى الاحياء ذات الأغلبية السنية في بيروت، مثل “الطريق الجديد”، التوجه العام لابناء المنطقة هو إن ايران وراء مشكلات وأزمات كثيرة في الدول العربية، فهي التي دعمت بشار الأسد لقمع ثورة الشعب السوري ضده، وهي التي تدعم ميلشيات وأحزاب في عدة دول عربية بشكل يضعف الدولة ويفتتها، وهي التي تلعب بورقة الطائفية لتحقيق مصالحها، هذا علاوة على التأييد الواضح للسعودية التي يحمل الحريري جنسيتها، بالاضافة إلى جنسيته اللبنانية.
وهذا التناقض الصارخ، الذي تراه بمجرد الأنتقال من حي الى آخر داخل بيروت، والذي يبدو وكأنه أنتقال من دولة لأخرى مغايرة تماما، يعكس بجلاء كيف تحول لبنان الى ساحة للصراع السياسي بين ايران وحلفائها من جانب، والسعودية وحلفائها من جانب آخر..
وهناك حرب أخرى بالوكالة بين طهران والرياض على أرض اليمن، لا تقل قسوة عن حرب سوريا، أدت الى أن عاد اليمن سنوات طويلة الى الوراء. وهناك مواجهة مستمرة في العراق، حيث تحاول السعودية الاحتفاظ بدرجة من النفوذ فيه، وفي البحرين حيث تتواجد فيها قوات درع الجزيرة، وأغلبها قوات سعودية،والتي تعني ببساطة نفوذ ايران.
الصراع على النفوذ بين ايران والسعودية، والذي يمتد لساحات كثيرة في المنطقة، هو “صراع أستراتيجي حيث ان ايران تسعى الى التوسع والتمدد في المنطقة العربية، وتسعى الى التدخل في شؤون الدول العربية والتحكم في قرارات البعض منها، وهو ما لاتقبله السعودية، ومعها مجموعة من الدول العربية الأخرى.
ولا يقتصر التنافس القائم في لبنان على صراع النفوذ بين طهران والرياض، بل أن هناك أطرافا خارجية تتنافس بدورها للسيطرة سياسيا على لبنان، مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وتركيا واسرائيل. والسبب باختصار، هو سوء أدارة السياسيين للبنان، الأمر الذي ترك مساحة واسعة للأطراف الخارجية للتدخل في شؤونه.
الواضح ايضا أن هناك مشتركات كثيرة بين البلدين، وأن العلاقة الجيدة بينهما ستنعكس ايجابا على لبنان، وستؤدي الى الحد من التعنت السياسي وتشكيل حكومة، ولكن لا يبدو ان صراع النفوذ بين البلدين يتجه الى التراجع في وقت قريب. بل ربما يتصاعد، خاصة وأن هناك أطرافا خارجية تحقق مكاسب هائلة من هذا الصراع.
الأمر الذي لا شك فيه أن تكلفة الصراع بين طهران والرياض مرتفعة للغاية ولبنان سيدفع ثمنه