جهاد نافع “الديار”
اين اصبحت التحقيقات؟
تختزل فاجعة الشقيقات الثلاث (كارول ٢٥سنة، وعايدة وميرنا ١٥ سنة) المشهد اللبناني المتخم بكل اشكال الفقر والقهر والجوع والحرمان.
هي الفاجعة التي لم تحل بعائلة علي الحاج حسين الذي ارتحل من الهرمل منذ عشرين عاما ليحط رحاله في بلدة بزيزا الكورانية، عاملا كسائق سيارة بالاجرة مورد رزقه الوحيد لعائلته المكونة من عشرة افراد زوجان وثمانية أولا.
صباح الاحد تسلمت المديرية العامة للأمن العام جثامين الشقيقات اللبنانيات الثلاث، اللواتي فقدن منذ عدة أيام وعثر عليهن غرقى على شاطئ طرطوس، من السلطات السورية المختصة عند مركز العريضة الحدودي، بعد ان قام الوالد بالتعرف على الجثث في سوريا والتوقيع على استلامها.
وجاء في بيان الامن العام: «بتاريخ 04/04/2021 وبعد التنسيق على مدى يومين ما بين المديرية العامة للأمن العام والسلطات المعنية في سوريا، قامت دورية من شعبة معلومات الشمال لدى هذه المديرية باستلام جثامين الشقيقات اللبنانيات الثلاث، اللواتي فقدن منذ عدة أيام وعثر عليهن غرقى على شاطئ طرطوس، من السلطات السورية المختصة عند مركز العريضة الحدودي، بعد ان قام الوالد بالتعرف على الجثث في سوريا والتوقيع على استلامها.
وقد تم نقلهن الى مستشفى طرابلس الحكومي، حيث تسلمت الجثث دورية تابعة لفرع معلومات قوى الأمن الداخلي لمتابعة التحقيق بناء على إشارة القضاء المختص».
وكانت السلطات السورية قد اجرت تحقيقاتها من لحظة العثور على الجثامين الثلاث عند شاطىء الحميدية في طرطوس، وتم نقلهن الى المستشفى في طرطوس وكشف عليهن طبيب شرعي الذي اكد خلو الجثامين من اي اثر عنف او اغتصاب، واحتمال الوفاة غرقا.
وبدأت السلطات اللبنانية استكمال تحقيقاتها التي بدأتها منذ فرار الفتيات الاحد الماضي واختفائن، ويجري استجواب افراد العائلة لكشف ملابسات الفرار والاسباب التي دفعتهن لذلك، وقد أفاد والدهم ان الفتيات أرسلن الاحد الماضي رسالة عبر الهاتف ابلغوه فيها نيتهم الانتحار لانهن غير سعيدات بحياتهن وانهن قررن وضع خاتمة لحياتهن وانهن عند شاطىء شكا، وبعد ذلك اقفلت هواتفهن.
وفي ظل ذلك، فأن الغموض يلف القضية من مختلف جوانبها، ولا يمكن إماطة اللثام عن ملابسات القضية قبل استكمال التحقيقات، رغم الاتجاه الى فرضية الانتحار، عند شاطىء شكا، وقد دفعت الامواج الجثث الثلاث نتيجة الانواء التي شهدها البحر الاسبوع الماضي الى شاطيء الحميدية في طرطوس.
وتبقى فرضية اخرى هي احتمال ان مجهولا كان ينقلهن بمركب ويتجه بهن نحو سوريا فغرق المركب وغرقت معه الفتيات الثلاث، لكن هي فرضية ضعيفة حيث لم يعثر على مركب ولا على غريق رابع، فتبقى فرضية الانتحار هي الاقوى، مع استبعاد فرضية الخطف…
لكن الاسئلة التي تطرحها الاوساط:
ما هي الاسباب الشديدة التي ادت الى انتحار الفتيات؟ وماهي العوامل المؤثرة التي أوصلت الفتيات الى مرحلة الكآبة الشديدة التي تجعل ثلاث فتيات مقتنعات بالانتحار؟
هل هي عوامل منزلية تحمل في طياتها عنفا منزليا؟ علما ان والدهم اكد حبه الشديد لهن وعدم اذيتهن في يوم من الايام.
أو هي عوامل الفقر والجوع والحرمان نتيجة الاوضاع المعيشية المتدهورة جدا، وشظف عيش عائلي؟
او هي عوامل نفسية تسببتها عدة احداث ومشاكل من فقر وقهر وعنف وانسداد آفاق العلم والعمل وموارد الرزق…
نقل عن الوالدة ان بناتها خرجن لشراء السندويش وكن بحالة طبيعية، لكن اختفين منذ الاحد الماضي الى ان اتصل شخص من البقاع ادعى ان البنات لديه وانه سوف يقتلهن ان لم يرسلوا له مبلغا من المال ٢٠٠ دولار اميركي، لكن تبين انه يبتز العائلة، وقد اوقفته الاجهزة الامنية على ذمة التحقيق بانتظار جلاء علاقته بقضية البنات.
وافاد بعض جيران العائلة انهم كانوا يسمعون بين حين وآخر صياحا يتصاعد من داخل منزل العائلة ناجم عن خلافات بين الوالد والوالدة، وبين الوالد وبناته…
غير ان هذه الفرضيات والمعلومات لا تزال قيد التحقق، والتحقيقات جارية لكشف الخيوط والاسباب الدافعة للانتحار.
بدوره رئيس تيار الوعد الصادق الشيخ طلال الاسعد الذي تلقى اتصالا من اقرباء الفتيات اجرى اتصالات بالنائب السوري عمار الاسد الذي اجرى بدوره اتصالا بقائد شرطة طرطوس وقد افضت الاتصالات الى تسليم الجثث بعد المعاينة الطبية الشرعية والتأكد ان الوفاة ناتجة عن الغرق وقام حرس شواطىء طرطوس بمسح شامل للبحر بحثا لاحتمال وجود جثث اخرى او مركب غارق فلم يعثروا على شيء.
واعتبر الاسعد ان انتحار الفتيات مأساة لبنانية أخرى تضاف الى المآسي والى سلسلة انتحارات ناتجة عن الحرمان والفقر والجوع الذي يولد الحزن الشديد والكآبة وموضحا ان الشمال وعكار من اكثر المناطق حرمانا وقهرا وفقرا ويستدعي اهتماما استثنائيا من الدولة اللبنانية في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد.