بقلم طلال الأسعد
لطالما تجثم أمامي مقولة الخلق كلهم عيال الله فهم حتما يتحاورن كيف أن الله وحده خلق الخلق والأديان السماوية الثلاثة من اجل صيانة الإنسانية والعالم، قد لا يصدق أحد كيف تفككت الأسرة أعتقد أن هؤلاء يحسون بها والكل يحس بها تفكك الأسرة وكثرة الإلحاد في العالم وهذا شيء مخيف لا بد أن نقابله من جميع هذه الأديان بالتصدي له وقهره وإرشادهم إلى الطريق المستقيم الذي إن شاء الله يحفظ كرامة الإنسان والإنسانية والأخلاق..”. فكرة حوار الأديان فكرة رائدة في هذا الزمن ليس لأسبابها السياسية أو الاقتصادية بل هناك جانب اجتماعي مرتبط بالقيم والأخلاق وخصوصا مع انتشار موجة صدام الحضارات التي أطلقها (هنتنجتون) والذي توقع مسرحية دراماتيكية من الصراع الذي سيقود العالم إلى نهاية مؤلمة للحضارات وللشعوب ولأديانها. فكرة صدام الحضارات ليس فكرة يمكن استهجانها بسطحية حيث يسهل نفي معطياتها وبراهينها الفكرة عالية التحليل متمسكة بشواهد تاريخية كبيرة يمكنها أن تصنع التاريخ من جديد إذا تخلى الجميع عن إنقاذ العالم. الأديان السماوية الثلاثة تتعرض لنوعين من التآكل احدهما داخلي والآخر خارجي، التآكل الداخلي ويكمن في معدل الثقة بالأديان وهو ما تحدث عنه الكثير من المفكرين وهذا التآكل يطرح سؤالا مهما حول مستقبل الثقة بالأديان السماوية ليس من حيث التطبيق والبعد فيها حيث إن تلك الأديان الثلاثة استطاعت أن تبقي على معدلات الالتزام بها بدرجة عالية خلال وجودها سواء مستقلة أو مع أديان سماوية أخرى. ولكن من حيث قدرتها على إدارة حياة الإنسان في العالم الحديث حيث يحتاج الأتباع إلى كثير من المسارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تكرس قدرة أديانهم في إدارة حياتهم وفقا للتطور الحضاري الذي تشهده البشرية وفقا للمرحلة الزمنية. هذه القدرات لا تحدث مستقلة في دين دون آخر وخاصة في هذا العالم الذي أصبح مطلعا على بعضه بشكل سريع وبسيط . وهذا من أهم أسباب الدعوة إلى
مؤتمرات للحوار بين ثلاثة أديان تحاول الإبقاء على قيمها الأخلاقية المشتركة مشتعلة في فضاء الإنسانية. أما التآكل الخارجي هو فرضية العداء والمؤامرة التي يساهم في تأجيجها الكثير من المتطرفين من أتباع تلك الديانات حيث تنتشر فرضية تؤكد رغبة غير حقيقية بين الأديان الثلاثة بإزالة بعضها عن الوجود. هذا ما يجب أن توقفه مثل هذه المؤتمرات والحوارات حيث أن القضايا المشتركة وخاصة في القيم الأخلاقية وقضية الإلحاد وتفكك الأسرة التي لن تكون في صالح تلك الديانات ما لم تتفق على مهارات تمنح الثقة للأتباع بهذه الديانات التي إن بقيت متصارعة ولو ضمنيا فسوف تفقد جميعها في الأخير مواقعها الحضارية وسوف ينحسر العمل بها في دور العبادة وسوف يمتلئ العالم بمعايير وقيم سلبية تستطيع الوصول إلى الإنسان الطبيعي وتغير من قيمه الأصيلة عبر هز ثقته في تلك الأديان. حوار الأديان يجب أن لا يتم فهمه وفق فرضية تعتمد ملكية الحقيقة كمنطلق لها، الحقيقة الجميع يستطيع أن يثبت انه يملكها ولكن النتيجة التي وصلت إليها شعوب العالم نتيجة ذلك التباعد بين تلك الأديان الجميع يتنصل منها لا احد يستطيع أن يتحمل ولو جزءا بسيطا مما يصيب العالم كل يوم من قتل وتدمير ومؤامرات تحاك تحت شعارات دينية. حوار الأديان فكرة ليس لها علاقة بجذور العقائد بل لا يجب أن تكون كذلك ولكنها ذات علاقة بأصول مشتركة تساهم في صيانة النظام العالمي من الانهيار الأخلاقي. التنصل من القيم والأخلاق هي اكبر المعضلات التي سوف تخلق مجموعات بشرية عالمية قد تصل إلى مراكز القوى السياسية والتربوية لتمارس أشكال التطرف وتسحق العالم من جديد تحت مؤشرات عدم قدرة الأديان السماوية على تأدية دورها الحضاري من خلال زراعة القيم وتكريس الأخلاق في المجتمعات ومؤسساتها التربوية. حوار الأديان فكرة استثنائية إذا تم فهمها من خلال منظور يطرح قيما مشتركة الجميع يريد أن يحافظ عليها وهي مركز تلك الأديان ومحورها حيث لابد من طرح السؤال المهم وهو: لماذا لا نتحاور مادام في ذلك الحوار مساهمة في الحفاظ على قيم نؤمن بها جميعا…؟. فكرة الصراع بين الأديان تأتي من تباعدها عن بعضها حيث تتزايد الاحتمالات بينها من حيث كم وكيفية العداء غير المتوقعة، بمعنى آخر انه كلما تباعدت الأديان عن حوار يقرب بينها كلما كانت الفرصة اكبر لتوقع واثبات فكرة المؤامرة بينها والتخطيط ضد بعضها.
المشهد العالمي يطرح فكرتين حول الأديان السماوية خصوصا، فهناك تزايد ملحوظ لعدد المتشددين في تطبيق القيم والمعايير الدينية بطريقة اقرب إلى الكهنوتية حيث يتم تعزيز الممارسات الدينية كفعل فرداني لا ينعكس على الواقع الاجتماعي وهذا يكرس التطرف ويفسر الحرب الفكرية أو الفعلية بين تلك الأديان. على الجانب الآخر هناك جيل جديد من الشباب في جميع أنحاء العالم يتعلم وبشكل تدريجي الانفصال عن تلك الأديان كنتيجة لعدم قدرته أو قدرة تلك الأديان على طرح مشروعات اجتماعية واقتصادية وسياسية قادرة على استيعابه. نحن المسلمين يجب أن ننظر إلى قضية حوار الأديان بشكل ايجابي فهي فرصة سانحة لنا لتحقيق تقدم في تحسين صورتنا التاريخية وصورتنا الحالية بل تأكيد على أحقيتنا في المشاركة العالمية في صناعة الحدث التاريخي. إذا بقينا نرفض المشاركة مع العالم وديانات العالم فعلينا أن نتذكر أننا حضاريا نحن الأضعف بل نحن الأكثر خسارة بين الجميع من الناحية الحضارية، ولكننا نتواجد وبشكل مناسب في تلك الحضارات العالمية فهناك الكثير من المسلمين الذين يعيشون في الغرب ويجب أن نساعدهم في الاندماج في قضايا مشتركة مع نظرائهم من الأديان الأخرى. الحوار بين الأديان هو مشروع للقيم المشتركة التي سوف تؤدي في النهاية إلى قيام وفاق قانوني يحمي الجميع من اجل هدف نبيل حيث ستختفي مستقبلا وبشكل فوري مع تزايد فكرة الحوار بين الأديان الإساءات التي نحصدها نحن المسلمين على ديننا ومنهجيته الفكرية. التردد الذي قد يشعر به البعض يجب أن يتجاوز فكرة ملكية الحقيقة، لن يستطيع احد أن يقضي على العالم لمجرد انه يريد أن يكون وحيدا في هذا العالم فحتى الذين يملكون القوة العظيمة لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك. فهم الحوار في جانب واحد قضية سلبية وخطيرة الحوار كيان يتكون من قيم أصيلة تحافظ على الأديان السماوية وتصون وحدتها. إن دعمي ووقوفي إلى جانب مثل هذه المؤتمرات وبكل صدق سوف تمنح العالم الإسلامي مسارا مختلفا في قضية التواصل مع الآخرين وليسى سياسة الإلغاء بل التكامل وهو ما افتقدناه لقرون طويلة لم نجن منها سوى تقطيع لأوصالنا الفكرية والاجتماعية والأخلاقية ونظرتهم لنا بأننا بعيدين عن الحضاره حيث أصبح الإسلاموفوبيا يقض مضجع الآخرين ويخيفهم لذلك خلاصنا الوحيد هو الحوار الأخلاقي .
الرئيسية / أخبار مهمة / تبادل الحضارات قديماً أدى إلى إذدهار البشريه أما صراع الحضارات رد البشريه أعواماً إلى الوراء وساد التخلف والتطرف والإرهاب وأبيدت حضارات وتهدمت مدن وموجات كبيره من النزوح وتقسمت دول وتم إزالة مدن عن الخارطه الدوليه وكل الأمل بحوار حضارات أخلاقي يخلص البشريه ويعوض عليها ما فقدته
شاهد أيضاً
اجتماعٌ مثمر بين سلام وكبير مستشاري ترامب مسعد بولس
صدر عن الوزير أمين سلام الآتي: عقد الوزير امين سلام اجتماعا مثمرا مع كبير …