بقلم طلال الأسعد
يدور كلام كثير في الاروقة السياسية والصالونات حول ما اذا قدم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ام لا. وتنقسم الآراء في هذا الصدد بين من يؤكد حصول هذا الامرومن ينفيه، والسبب في هذا التضارب في المعلومات، هو تكتم كل من عون والحريري عن التسريبات في موقف لافت منذ الاعلان عن تكليف الاخير تشكيل الحكومة العتيدة. وبالتالي، فإن ما لا يمكن تأكيده هو ان الحريري قدم مشروع تشكيلة لرئيس الجمهورية يعطيه فيها نسبة “رفع عتب” فقط في تسمية الوزراء المسيحيين، فيما النسبة الاكبر من هذه التسمية تعود اليه، دون ان يقدم على الامر نفسه مع الطوائف الاخرى. كما لا يمكن تأكيد انه لم يفعل ذلك، ولكن في المقابل ما هو غير قابل للشك يفيد بأنه لم يعلن عن تشكيلة حكومية متكاملة وضعها في يد رئيس الجمهورية للتوقيع عليها ام لا، كشريك في اطلاقها رسمياً. وعلى عكس ما يقال، فإن ما يمنع الحريري من الاعلان عن التشكيلة الى الرأي العام ونقل المسؤولية الى عون، ليس حرصاً على الاخير ولا من اجل عدم المخاطرة بتدهور ما تبقى من الاستقرار السياسي، بل لاسباب اخرى عديدة.
تفيد مصادر متابعة في هذا الصدد، ان احداً لن يصدق ان الحريري حريص على عون وصورته وعدم اتهامه بالعرقلة، ولذلك لم يكشف تشكيلته بعد، واوضحت من جهة ثانية ان المسألة اكثر تعقيداً من ذلك، ومفادها ان رئيس الحكومة المكلف محرج امام الخارج وتحديداً الاميركيين والداخل وتحديداً الثنائي الشيعي . وتضيف المصادر نفسها ان سبب الاحراج هو اصرار الادارة الاميركية الحالية على استغلال كل دقيقة من ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب للضغط على ايران و حزب الله ومنع الاخير من التواجد في الحكومة بشكل مباشر او غير مباشر، بينما لا يمكن للحريري القيام بذلك لاتفاقه المسبق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على عدم امكان اتخاذ مثل هذه الخطوة، وهو اتفاق لم تعارضه فرنسا ايضاً. وعليه، بات الحريري امام معضلة حقيقية، ويعمل على اللجوء الى سياسة “تقطيع الوقت” في انتظار ما ستستفر عنه “المواجهة الرئاسية في واشنطن بين ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن “، مع ميل طبيعي الى انه في حال تشكيل ادارة اميركية تحت قيادة بايدن (وهو المرجح) فلن تعتمد القساوة نفسها المستجدة في الآونة الاخيرة، والتي ادت الى كل هذه الاضطرابات في المنطقة عموماً ولبنان بشكل خاص، حتى ولو لم تتغير السياسة الاميركية بشكل جذري تجاه ايران و اسرائيل . اما التأثير الذي سيتركه مثل هذا الامر على الحكومة والاسراع في تشكيلها، فسيكون اعطاء عون حصة اكبر بكثير لتسمية الوزراء المسيحيين بعد ان تكون مسألة مشاركة الحزب وحركة “امل” قد حسمت بشكل واضح، وتسقط كل العراقيل وتنطلق عندها الحكومة في مسارها الطبيعي الذي سيلاقيه الخارج بنظرة ايجابية.
وتختم المصادر بالتأكيد ان الحريري يدرك تماماً انه في حال عرض تشكيلة غير مكتملة على عون بمعنى معاملته بطريقة مختلفة عن الآخرين، فرئيس الجمهورية لن يضع توقيعه حتماً، ولن يكون بمقدور رئيس الحكومة المكلف الخروج الى العلن للوم عون او النائب جبران باسيل ، لانه عندها سيفضح نفسه بنفسه وسيظهر ان الاسماء لا تراعي ما يقوله لجهة عدم الارتباط بالاحزاب واعتماد اختصاصيين “حياديين” لا يتعاطفون او يؤيدون او ينتمون الى التيارات والاحزاب السياسية التي يتشكل منها مجلس النواب.لذلك، تعود المصادر لتجزم بأن الحكومة الجديدة لن تبصر النور قبل الشهر الثاني من السنة المقبلة على أقلّ تقدير.
شاهد أيضاً
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لوكالة رويترز:
على حز/ب الله التخلي عن سلاحه لإنهاء الحر/ب أعارض قيام الجيش اللبناني بنزع سلاح …