الرئيسية / أخبار مهمة / كورونا تعلن وقف أطلاق النار في اليمن

كورونا تعلن وقف أطلاق النار في اليمن

بقلم الشيخ طلال الأسعد

الذين يتحدثون عن مخاطر حروب جديدة تنتظر المنطقة وربما العالم ، إلى حجم التحول الذي فرضته جائحة كورونا على الأوضاع الدولية والإقليمية ، فيوما بعد يوم يترجل المتحمسون لمواصلة العنتريات العسكرية في إدارة الرئيس الميركي دونالد ترامب عن جدول أعمال حربي لحساب الحديث عن الردع إذا تعرضت قواتهم للإستهداف ، وبالمثل يقف خصوم المشروع الأميركي ورافضي التواجد الأميركي في المنطقة عند ضفة جديدة ، تسحب من التداول جدول أعمال التنفيذي وميداني لإخراج الأميركيين ، لحساب خطاب الردع في حال أقدم الأميركيون على التصعيد ، وتعود هذه التحولات إلى مصدرين واضحين ، الأول الثقة العميقة في مركز صنع القرار الأميركي بأن مناخ كورونا وفر الفرصة لتفادي الوقوع في حروب إستنزاف ستنتهي على طريقة أفغانستان بالإنسحاب ، ليفتح باب التراجع عن التصعيد وفتح باب التسويات ، وعلى الضفة المقابلة ، فرضت أولوية مواجهة كورونا على حكومات المنطقة وقواها الشعبية التأقلم مع حقيقة تكوينها الشعبي ومسؤوليتها الوطنية ، وبالتالي التعايش مع فرضية الانسحاب الأميركي البارد وتسهيله ، تحت سقوف تسويات محلية تتيح الطريق لتحقيق هذا الهدف .
عندما تنشأ ضروف للتساكن البارد ، على خلفية أفق نهائي معلوم هو الانسحاب الأميركي ، ينفتح الباب العراقي على مشروع تسوية حكومية يبدو واضحا تتقدم حظوظه مع تقدم إسم مدير المخابرات مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة ، وهو منسق العلاقة الأميركية الإيرانية في العراق لسنوات بتراضي الطرفين ، وقد عادت أسهمه ترتفع منذ زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني إلى بغداد قبل شهر ، وبالتوازي يظهر الوجود الأميركي في سورية مشلولا بلا وظيفة ، وتبدو الإنسحابات من مواقع حساسة عراقيا تمهيدا لإقفال ملف الوجود في سورية ، بسبب إنكشاف هذه الموافع عسكريا إذا إكتملت عمليات الإخلاء لمواقع أميركية في العراق تشكل قاعدة خلفية لنقاط التمركز في سورية ، ويبدو القلق من إنتشار فيروس كورونا بين الجنود الأميركيين حاضرا في تسريع التجميع والإنسحاب ، كما يبدو عجز الجهات الكردية التي تعمل تحت الراية الأميركية شرق سورية عن التعامل مع مخاطر كورونا مدخلا طبيعيا لفتح الباب لتسويات محلية تهيئ الظروف لعودة هذه المناطق إلى عهدة الدولة السورية ، ولا يبدو الوضع في مناطق التواجد التركي مختلفا مع تقدم تركيا إلى المركز العالمي التاسع بين الدول التي يتفشى فيها الوباء ، وحجم التهديد الذي يلقاه الجنود الأتراك من مخاطر التفشي ، وهشاشة البنى الملتحقة بالأتراك وعجزها عن إحتواء مخاطر تفشي الفيروس .
في اليمن يبدو وقف إطلاق النار ليلة الأربعاء الخميس وتبادل مجموعات الأسرى على نار حامية ، وتشير المعلومات إلى تحقيق تقدم كبير على هذا الصعيد ، مع عجز النظام الحاكم في الرياض عن مواصلة خوض الحربين دفعة واحدة ، حرب كورونا وحرب اليمن ، وقد صارت التهديدات للأمن السعودي بسبب حرب اليمن فوق قدرته على الإحتواء والتحمل ، بينما لم يعد لدى الأميركي ما يجعله يتحمل المماطلة السعودية في السعي لتسوية سياسية تنهي حرب الإستنزاف ، بل ربما لم يعد الأميركي حاضرا لتقديم الحضانة التي يحتاجها السعودي لمواصلة الحرب في أكثر من مجال وعلى أكثر من صعيد ، وقد تغيرت الأولويات .
التسويات ووقف الحروب ، في كثير من الأحيان تكون ناضجة في العمق ، لكن ثمنها السياسي والمعنوي يدفع بأصحاب الحرب لمواصلتها بسبب عجزهم عن الإقدام على التسوية ، أو عجزهم عن تبرير وقف الحرب دون إنجاز أو إنتصار بعدما رفعوا سقوفهم عاليا  ، فتقع أحداث كبرى كالطوفان والزلزال والوباء والإنهيارات المالية ، وفي بلدان ديمقراطية تكون الفضائح الحكومية أوالهزات الحزبية والسياسية ، فتخلق المبرر الذي يتيح تظهير هذا النضج الكامن لمنطق التسويات ، ولا يبدو هذا بعيدا عن توصيف ما يجري وما سيجري على مسرح المنطقة .

عن كاتب

شاهد أيضاً

*المنخفض الجوي بطريقه إلينا.. احذروا السيول!*

  يسيطر على لبنان والحوض الشرقي للمتوسط، طقس خريفي مستقر مع درجات حرارة ضمن معدلاتها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *