شبكة الأخبار اللبنانيه والدوليه
البروفسور زيدان كرم
14 آب 2019 | 05:30
إلى المهندس جبران باسيل، الذي أَصبَح بسُرعة فائقة وزيرًا فَنائبًا فرئيسًا لأَكبَر حِزب مسيحيّ.
يا أخي جبران، يقولُ المَثَل “مَن لا يتَّعِظ من الماضي لا مُستقبَل له”.
قالَ لي الرئيس الكبير كميل شمعون يومًا: “لم أعطِ في حياتي أمرًا بضَربة كفّ، الكفّ يأتي بالعَصا والعَصا بالسكّين والسكّين بالبندقية ثمّ الدَّم الدَّم. أنا أكره الدَّم”.
صباح مَجزَرة الصفرا طَلَب الرئيس شمعون من المسؤول عن أَمنِه السيّد عبدو جابر (وكنتُ حاضرًا) ألّا يُواجِهوا رجالَ الشيخ بشير وأن يسلِّموا أسلحتَهم ويتجمَّعوا عند مَدخَل منـزله.
بعد وقت ليس بطويل زاره الشيخ بشير في منـزله. سألته بعد أسبوع: “كيف تستقبل هذا الرجل يا فَخامة الرئيس؟” فأَجابَني: “يا حكيم لو أَعطَيتُ أمرًا بالمواجهة كم من يَتيم وكم من أرملة كانوا عَلِقوا برَقبتي؟” فصمتُّ.
عندما عادَ الرئيس الشهيد رفيق الحريري من أميركا وكان قد خَضَعَ لعمليّة تَوسيع بالبالون لشَرايينه التاجيّة (التي تُغَذّي عضلة قلبه)، قُلت خلال حفلة عشاء بصَوت عالٍ: “لديه مليارات الدولارات شُو بَدّو بالسياسة؟ يْروح يْعيش في قصوره ويتمتّع بالحياة الحِلوي. شو جايي يعمِل في أجواء مْكَهِربة ويُعرِّض نَفسَه للخطر؟” وكان قد أصبحَ من أكبر زُعَماء السُّنّة في العالم: يَدخُل قصرَ الإليزيه ويَلتَقي الرئيس شيراك عندما يُريد ويَذهَب إلى ماليزيا ويَأتي بمليارات الدولارات. سيَأتي يومًا يُزعِج حَجمُه بعضَ الدُّوَل فيُرسَلُ إليه مَن يُنفِّسُه بإبرة كالبالون أو يَقضي عليه برَصاصة. عندئذٍ اقتربَ منّي شخصٌ وجَلَسَ إلى جانبي سائلًا: “لماذا يا حكيم هذا القَول عن الرئيس الحريري؟” فأَجَبتُه: “نعم وبـ36 دَيْنِة وأكثر. وكَرَّرتُ ما قُلتُه بصَوت خافت. فقالَ لي: “أنا رئيس جِهاز أَمْن المطار ومن مؤَيِّدي الرئيس الحريري. اعتذَرتُ منه فإجابني: لا لُزومَ للِاعتِذار أنا شاكرٌ لك على هذا التنبيه. بعد أُغتيلَ الرئيس الحريري رحمه الله مع رفاقه وبعد بضعة أيّام اتّصَل بي رئيس جِهاز أَمْن المطار قائلًا: “أنتَ نَبيّ يا حَكيم يا رَيت سْمِعْنا مِنّك”، فأجبته: “أنا لستُ بنَبيّ. بل أنا رَجُل مَنطِقيّ أُراقبُ ما يَجري وأَستَنتِجُ”.
فَيا مَعالي الوزير الشابّ الطَّموح جبران باسيل أَقولُ: “ما مِتّ ما شِفْت قَبْلَك مين ماتْ؟”. من حَقِّك أن تَطمَحَ إلى الرئاسة، لكن انتَبِهْ إلى ما تَقومُ به من استِفزازات والضَّرب على وَتَر “إعادة حُقوق المسيحيّين”. قُمْ بهذا العمل بصَمت ورَوِيّة، تكُنْ مَشكورًا عند حُصولِكَ على ما تُقاتِلُ من أجله. عندئذٍ يَقولُ المسيحيّون جبران باسيل أَعادَ إلينا حُقوقَنا وتكونُ أنتَ الرابِح الأكبر وتُتابِع مَسيرتَك إلى الرئاسة.
في عيادتي أَقولُ للمريض الزائد الوَزن (obèse): “لا تَحفُرْ قَبرَك بأَسنانِك”. وأنا أَقولُ لك يا جبران انتَبِهْ إلى لسانِك.
لكلّ لبنانيّ الحَقّ في زيارة كلّ المناطق اللبنانيّة، لكن على الزائر أن يُحافِظ على خُصوصيّات كلّ بلدة ومنطقة يَدخُلها. نحن في لبنان وليس في أوروبا أو أميركا.
أيّ شيطان زارَك في نَومِك ونَصَحَك بزيارة الشوف؟ لقد سَبَقَها بعضُ تَصريحاتِك الهُجوميّة ونَبْش القُبور. لماذا زَجَجْتَ بنَفسِك في وَكْر الدبابير الشوفيّة بين إخوتنا الدُّروز؟ لم تَدخُلْ مُصلِحًا بل سَلَكتَ طريقَ فريق مُهاجِمًا أكبرَ زَعيم درزيّ في الجبل. هل بهذه الطريقة تَحمي “حُقوق المسيحيّين؟” يا صَديقي لا تُحاوِلوا كَسْرَ “بَيت جنبلاط”. الأَكثَريّة الدرزيّة الساحقة في الجبل وسوريا والجولان مع هذا البيت الدرزيّ الكريم.
لا تَكُنْ حِصانَ طروادة في هذه اللُّعبة الجُهَنَّميّة.
إلى الوَزير الأمير طلال أرسلان أقول: “إيّاكم إيّاكم أن تَتقاتَلوا بعضكم مع بعض كما فَعَلنا نحن المَوارِنة الأغبياء. لن يكونَ بينكم رابِح، الكلّ الكلّ سيكونُ خاسِرًا. انظُرْ إلى نِصف الكأس الملآن واترُكِ النِّصف الفارِغ إلى المُحرِّضين المُجرِمين مَصّاصي الدِّماء (les Draculus). لا تَنسَ مَوقِف والِدك عندما حاوَلَ مُسانَدة الرئيس شمعون ضدّ كمال جنبلاط سنة 1958. تَجمَّعَ عُقَلاء المَشايخ الدروز وأَقنَعوه بالعُدول عن هذه المُغامَرة الخَطِرة. اِمْشِ على خُطاه وكُفَّ عن مَطالِبك بالاقتِصاص من مُحازِبي وليد جنبلاط وتحويلهم على المَجلِس العَدليّ. حَضرتُك مَسؤول عن تَسليم المسؤولين عن مَقتَل الجنبلاطيّ في الشويفات وهم هاربون في سوريا. تَشبَّهْ إذا أَرَدتَ بالبابا بولس الثاني الذي غَفَرَ للتُّركيّ الذي حاوَلَ قَتلَه، فَزارَه في زِنزانته وبارَكه، وكما فَعَلَت زَلفا شمعون مع الطرابلسيّ الذي حاوَلَ قَتْلَ زَوجِها الرئيس.
ضَعْ جانبًا مَقولة “العَين بالعَين” التي لن تُبْقِيَ بعد تَطبيقها، لا سمح الله، لا عُيونًا تَقشَعُ ولا أسنانًا تَأكُل.
إلى الوَزير السابق وئام وَهّاب أَقول: يا وِئام تَعقَّلْ وابتَعِدْ عن التصريحات الهُجوميّة. اِستَعمِلْ كلماتِ التسامُح والغُفران وخَفِّفْ لَهجتِك القِتاليّة. الشهيد رفيق الحريري نَشَأَ من عائلة فقيرة مثلك وكان أبوه بِسْتَنْجيًّا فوفَّقَه الله وأَصبَح ما كان عليه. كان شهيدنا يَتَلقّى الضربات المُتكرِّرة كوَارثه سَعد في السياسة ويَبلَعُ الموسَى مرارا.
إلى إخوتي مَشايخ الدروز الأشاوس: اِنتَبِهوا لا تَنجَرّوا خلف الإشاعات والعَصَبيّات القاتِلة، اتّحِدوا، تَجَمَّعوا، ابتَعِدوا عن التقاتُل. بعد الحَرب يكونُ الكلّ خاسِرًا. قَرِّبوا المسافات بين وليد بك والأمير طلال وحافِظوا على هذين البيتَين الدرزيَّين العَريقَين الكَريمَين. لون الدم أحمر وهذا الأخير خَطّ أحمر. إذا سالَ لا سَمَحَ الله دَمُ الدرزيّ على يد أخيه الدرزيّ فسيُدمِّرُكم ويَقضي عليكم. أَطلِقوا حَماماتِ السلام واصطادوا بسِلاحكم الصقور والغِربان وإلّا سَتَلبَسونَ الأَسوَدَ طيلةَ أيّامِ حياتكم وتَسمَعونَ وأنتُم تحت التُّراب صَوتًا يُردِّدُ: “قايين قايين ماذا فَعَلتَ بأخيك هابيل؟” إخوتي الدروز اكتَفوا بالشهيدَين اللّذَين سَقَطا وإلّا سيُصبِحُ القَتلى بالمئات إذا تَطوَّرَت الأُمور إلى الأَسوأ.
فَخامة الرئيس الجنرال ميشال عون. أنتَ أبو الكلّ وأقوى زَعيم مسيحيّ اليوم. طَلَبتُ منك يومًا، شَفَويًّا وبكلّ احترام، أن تَدخُل مِعراب bn من دون إنذار وتُفاجِئ سمير جعجع وتَتصالَحا. ولحُسْنِ الحَظّ ما تَمَنَّيتُه يَومَها على فَخامتِكم قد حَصَلَ، فدَخَلتَ قَصرَ الرئاسة.
أُناشِدُك بكلّ محبّة واحتِرام أن تَلجُمَ تَدَهوُر جبران الكلاميّ وتُبعِده عن أيّ مفاجأة غير سارّة يُخطِّطُ لها بعضُ الخَطِرين. علينا ألّا نَنسى مَصيرَ الشهيد رفيق الحريري. اِجمَعْ في القَصر الجُمهوريّ وتحت رِعايتِكَ، أنتَ المُصلِح الأَكبَر، وليد بك والأمير طلال وقَرِّبْ بين الِاثنَين بصِفَتِكَ أبًا للجَميع.
يا جبران: “لا تَسكَرْ من زَبيبة ولا تُحاوِل أن تَقتَرِبَ كثيرًا من الشمس، فيكونَ مَصيرُك كمَصير الطائر أَيكار (Icard) وتُصبِحَ مِثلَه رَمادًا. المسيحيّون، والموارنة خصوصا، في حاجة إلى شَبابِك وطُموحاتِك. تَعقَّلْ وكُنْ جامِعًا لا مُفرِّقًا”.
لقد تَعرَّضَ الرئيس شمعون سبع مرّات للاغتيال رغم نُضجه وحِكمته وذَكائه وهالتِه.
صانَكَ الله من أيّ أذى.