حسين الفياض || خاص دمشق الآن
الكي (بالصينية) هو أحد طرق علاج الطب الصيني التقليدي الذي يتكون من حرق أوراق نبات الشيح المجففة على نقاط معينة على الجسم، وقال العرب يوماً وفي زمن بعيد إن آخر العلاج .. الكي.
لم يكن يومها يملك أطباء ذلك الزمن علاجاً يشفي من جميع الأمراض، فانتشر وازدهر .. حرمته بعض المذاهب والأديان .. وحللته أخرى .. والورم الخبيث إذا انتشر في الجسم .. قتل صاحبه .. فهل يستأصل ذلك الجزء أم يترك الموت يدنو إليه.
خيارات صعبة رغم المقدمة البائسة التي نبدأ فيها هذه الكلمات، فمن منا لم يسمع بتلك القصص المرعبة التي عاشتها غوطة دمشق الشرقية وشقيقتها الغربية؟
قتل وحرق وتعذيب واغتصاب وتفنن بالإجرام والأحقاد.
اصطحبني صديق لي تورط بداية العام 2008 بالسكن في بلدة عربين في الغوطة الشرقية، صدمت بما رأيته من تشدد وقسوة احتوت قلوب من سكنوا تلك المنطقة على مرأى ومسمع أصحاب الاختصاص، وفي حرستا شاهدت سورية أخرى غير التي عرفت وشاهدت، وحينما تقطع ذلك الجسر الذي يعيدك إلى المتحلق الجنوبي تدرك تماماً بأن جواز سفر جديد منح لك، ليس في ذلك مبالغة في الكلام، فمن يجرؤ على قتل طفل رضيع فيكم ومن أين لكم وأنى لكم هذا الإجرام المتغلغل في قلوب الكثير الكثير.. وحذاري مما يحاك لنا من “داعش” الداخل.
ألاف الشهداء من زهرة شباب سورية من رجالها ونسائها استشهدوا هناك .. وألاف أيضاً خطفوا، ولا زالوا .. ومحنة سجن التوبة لا زال النظام السعودي وعصاباته يتجارون فيها، وكم ضحك علينا في سبيل الحصول على بعض المكاسب والنقاط من الارهابيين، وكم تمنى اهالي المخطوفين أن يحصلوا على خبر عن ابنهم او ابنتهم المخطوفة.
حاورت يوماً أحد ارهابييهم في (جيش الإسلام) عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي سائلاً عن أحد المخطوفين، ولم أجد سوى الابتزاز والابتزاز وطلب الأموال والأكاذيب.
وحقدهم لم يكن فقط بقصف دمشق بالقذائف والصواريخ بل كان لأهل الغوطة.. حاضنتهم الشعبية.. نصيب كبير، ابتزاز واحتكار للمواد الغذائية وحصار داخلي لم يستطع الكذاب الراحل زهران علوش ادخال ربطة خبز يومها.. لكنه استطاع السفر الى تركيا والعودة باثني عشر مليون دولار وادخال دبابات الى دوما!!! قبل أن يبيعه السعودي حتى يتقرب لحلف موسكو!
كم حملت الكاميرا على جبهات الغوطة، وكم كرهت نفسي وأنا أودع الشهيد تلو الشهيد في تغطياتها الإعلامية الحربية حتى خجلت من استمراري في الحديث عنهم.. لكن لا استطيع وصف سعادتي وأنا أكتب هذه الكلمات وقد بلغت قبلها بأن أكون جاهزاً لتغطية العمليات الأخيرة واسال الله أن يمنحني القوة لأكون من اوائل من يشهد على آخر معركة في نهاية الفصل الأول من الحرب على سورية.. وأخيرا وان وصل اصدقاؤنا متأخرين إلى ما نادى فيه الدمشقيون كثيرا..نعم وصل الروس والإيرانيون بعد جهد سوري كبير إلى قناعة بتطهير غوطتي دمشق من الارهاب.. من سرطان التطرف.. واخر الدواء.. الكي