الحصاد الإخباري
لم يكن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله هذه المرة مستعداً للمسايرة او للتغاضي عن الملف الذي أطلّ ليتحدث فيه امام جمهوره اولاً وعموم اللبنانيين ثانياً، لأن هذا الملف هو «حق» لن يسمح بالتفريط فيه، على ما يبدو، والذين يعرفون امين عام حزب الله ومعالجته الصريحة للالتباسات يعرفون أن شيئاً لن يثنيه عن موقف صادق تجاه ناسه.
خرج نصرالله متحدثاً عن عمليات معارك الجرود اللبنانية في رأس بعلبك، مهنئاً الجيش اللبناني على معاركه البطولية، وموضحاً بالوقت نفسه ما دار في تلك الأرض من دون فسح مجالات للتأويلات حول وجود حزب الله من عدمه والتي حالت من دون التوحّد حول صيغة معروفة أو واضحة بما يتعلق بـ «التنسيق « بين الجيش اللبناني وحزب الله.
لكن نصرالله الذي اعتاد على التغاضي عن الكثير من المسائل الحساسة والملفات القادرة على تعزيز موقعه داخلياً من أجل صيغ لبنان الفريدة التي تحكم العمل السياسي «الطوائفي»، والذي اعتاد على تجاهل المطالبة ببعض حقوقه السياسية والحصص «النفعية» طالب ولأول مرة بحفظ حق يعتبره مقدساً بالنسبة إليه ولعناصر حزبه عنوة..
نصرالله والحق يُقال لم يتمسّك يوماً بحصة وزارية تدرّ على الحزب أموالاً طائلة. وهو مرتاح مع مصادر تمويله الخارجية المعروفة المصدر مقتنعاً بفكرة عدم تحميل الحكومة اللبنانية عبء وإحراج البحث عن تبرير لوظيفة الحزب في هذه الوزارة أو تلك أمام المجتمع الدولي وبدون تحميل الخزينة ما يجب أن تتحمّله من إعادة إعمار وتعويضات لا تزال غير مدفوعة بجزء كبير منها لأهالي الجنوب جراء حرب تموز، لا بل تكفل الحزب بجزء وافر منها.
نصرالله والحق يُقال، لم يلعب على التوتر الطائفي لحشد شعبية، كما قام زعماء «زملاء» آخرون من رؤساء الأحزاب والتيارات.
نصرالله والحق يقال، أهدى انتصارات حزبه الى لبنان «كل لبنان» من عام 2000 الى عام 2006 وصولاً الى تساهل حزبه مع عملاء جيش لحد الفارين منهم الى الأراضي المحتلة وآخرين ممن سلموا انفسهم له متخلياً عن العقاب الجسدي وحتى النفسي حتى بأول لحظات التحرير. وهي غالباً أكثر لحظات المشاعر المختلطة.
نصرالله والحق يُقال، لم يغلق يوماً باب التواصل مع تيار المستقبل في أحلك الظروف ولم يتقبل فكرة تجاوز تيار المستقبل في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية ولم يلجأ يوماً الى التحدي بما يُسمّى الميثاقية مقدّماً نموذجاً لاحترام الطوائف الكبرى. والعارفون يعلمون كم مرة أجّل حزب الله وعطّل جلسات احتراماً لهذه الحيثية الأساسية.
نصرالله والحق يقال، لم يطالب بأي صيغة قانون انتخاب تتماشى مع ما يؤمن له أكثرية المقاعد وحلفائه، أو على الأقل تحفظ له إمكانية الإبقاء على نتيجة الدورات السابقة واللجان المجتمعة في ذلك الوقت المؤلفة من ممثلي الكتل الكبرى الذين خرجوا أكثر من مرة بانطباعات موحّدة حول مشاركة حزب الله في البحث بالقول «حزب الله موافق على كل ما تتفق عليه أغلبية الكتل» الأهم ان نقدم قانون جديداً للبنانيين بالنسبة له.
حزب الله والحق يقال، لم يساوم يوماً من اجل التخلّص من العقوبات المالية المفروضة عليه او على المؤسسات التابعة له ولحلفائه، ولا حتى لجمهوره المنتشر في دول الاغتراب، على الرغم من تضرر عائلات لبنانية شيعية كثيرة والخيلج يشهد.
نصرالله والحق يقال، لم يتنازل يوماً عن مرشحه لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون، رغم كل الاتهامات التي سيقت باتجاهه. وفيها ما فيها، من تحميله مسؤلية الفراغ في البلاد، خصوصاً ان حليفه الشيعي الرئيس نبيه بري لم يكن معارضاً لاسماء عديدة كلها تصلح لترشيحها للرئاسة بالنسبة اليه كطرف وازن يشارك نصرالله القرار الشيعي. ونصرالله والحق يقال، لم يتخلَّ يوماً عن العهد والوعد والدين الذي أعلنه الى «يوم القيامة» كما قال، باتجاه التيار الوطني الحر وشخص العماد ميشال عون الذي وقف وقفة وطنية كبيرة مع حزب الله بانفعال وجداني في أيام حرب تموز لحظة تخلّى كل العالم عن المقاومة وسمى الذين أسروا جنود الاحتلال «المغامرين».
حزب الله والحق يقال، تعاطى بترفع كبير عن كل ما لحق به من حلفاء سابقين غدروا فيه بالسياسة في أوقات كان له فضل في تحسين مواقعهم السياسية. و«التحالف الرباعي» يشهد.
نصرالله والحق يُقال، لا يفرط بحقوق لبنان ولا بالتذكير بأهمية التمسك بحقوقه حتى آخر «كمشة» تراب، ولا ينسى أن مزارع شبعا محتلة، ولا ينسى ان فلسطين هي القضية الكبرى الاولى والاخيرة، وانها مشروع حزب الله وحلفائه الاوحد والاوضح ولا ينسى أسرى فلسطين وحصار الغزيين، لكنه والحق يُقال لا ولن يتساهل مع ما يعتبر حقاً عليه أمام الناس والضمير وامام كل قطرة دم ودمعة أهل شهيد، ولا يأبه للومة لائم في لحظة وجدان وحقيقة…
المقاومة حرّرت جزءاً من الأرض بالاشتراك مع جنود الجيش اللبناني نعم.. هناك حق لمقاومين سقطت دماؤهم على تلك الأرض نعم..
هناك حقوق أراد نصرالله وضع النقاط على الحروف بشأنها أمام اللبنانيين لأول مرة مطالباً فيها! هناك كرامات وجهود مضنية ودماء ممنوع التفريط بها..
هذا هو نصرالله، التقيتَ او اختلفتَ معه «استثناء في السياسة»، والحق يُقال…