كتب الشيخ طلال الأسعد
التصعيد الذي شهدته الجبهات السوريه واهمها الهجوم على العاصمه دمشق وسقوط قذائف على مدينة القرداحه بعد زيارة محمد بن سلمان ولي ولي العهد ومقاطعة بعض اطراف الصراع السوري بعض جلسات الحوار مرده الى ارضاء رغبات الأميركي للجم النفوذ الروسي والإيراني على الساحه العراقيه والسوريه وترك جبهة اليمن التي اعلنها النظام السعوديه بعمليه سريعه للقضاء على الحوثيين وجماعة الرئيس علي عبد الله صالح ، لانهم اطلقوا عليها اسم عاصفة التي سرعان ما تنتهي بعد تحقيق هدفها السريع ، ولم تنتهي بعد دخولها العام الثاني ! حيث بدأ الحوثيون من امتصاص الضربه الى المباغته والهجوم ضمن الأراضي اليمنيه وتحقيق ضربات موجعه للجيش السعودي ولو تمعنا بحيثيات الزياره لوجدنا بأنها ارضاء للرئيس ترامب ضمن صفقة طي موضوع الدعاوى القضائيه التي قام بها اهالي ضحايا 11 أيلول .
ولذا وبعد يومين من اختتام زيارة وُصفت بأنها تاريخية للأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي الى الولايات المتحدة الامريكية ، و لقائه مع مسؤولين في الإدارة على رأسهم دونالد ترامب ، رفعت مجموعة مكونة من ٨٠٠ شخص من أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، دعوى قضائية امام محكمة اتحادية في منهاتن ( نيويورك ) ضد المملكة العربية السعودية بتهمة تمويل تنظيم “ القاعدة ” ، و المطالبة بتعويضات مالية ضخمة مقابل ما لحق بهم من اضرار .
وثيقة الادعاء التي تقدمت بها شركة محاماة كبرى نيابة عن اسر الضحايا ، و تمثلت في ١٣٩ صفحة .
اتهمت جمعيات خيرية ، وجهات حكومية سعودية ، “ بإقامة علاقات مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن .
و علم الحكومة بانتماء ثلاثة من خاطفي الطائرات للتنظيم ”.
الفقرة الأخطر في هذه الوثيقة تقول : “ المملكة العربية السعودية كانت بوجهين .
الوجه الأول : عندما قدمت نفسها علنا للولايات المتحدة و الغرب على انها بلد يقاتل تنظيم “ القاعدة ” و الإرهاب .
و الوجه الآخر – مثلما هو مفصل في الوثيقة – : تقديم مسؤولين سعوديين دعما ماليا كبيرا للتنظيم ” .
هذه الدعوى القضائية التي تعتبر الأولى في سلسلة قضايا لاحقة ، تأتي في اطار قانون اقره الكونغرس الأمريكي ، بمجلسيه الشيوخ و النواب بأغلبية ساحقة تحت اسم “ العدالة في مواجهة رعاة الإرهاب ” او “ جاستا ” .
و تعتمد في ادلتها على تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي ( أف بي أي – F B I ) .
و ابرزها دعم مسؤولين في السفارة السعودية في المانيا لقائد الهجمات محمد عطا ، و تمويل زملاء له في سفارة السعودية في واشنطن ، و خاصة سالم الحازمي ، و خالد المحضار اللذين شاركا في العملية .
الانطباع السائد في المملكة يفيد بأن تعاقد الحكومة السعودية مع اكثر من ١٢ شركة علاقات عامة ، و رصد عشرات الملايين من الدولارات في هذا الصدد ، علاوة على تفرغ السيد عادل الجبير و زير الخارجية الحالي و السفير السابق لبلاده في واشنطن لمدة شهرين ، لإجراء اتصالات بأعضاء الكونغرس على امل شرح وجهة نظر بلاده ،
و وصول ترامب الى البيت الأبيض ، كلها عوامل نجحت في تعطيل هذا القانون ، او تهيئة الأرضية اللازمة لادخال تعديلات عليه .
لكن هذه الدعوى القضائية اثبتت فشل كل هذه الجهود حتى الآن على الأقل .
السلطة القضائية في الغرب عموما ، و الولايات المتحدة خصوصا ، تتمتع باستقلالية كاملة عن نظيرتها السياسية .
و أثبتت هذه الاستقلالية بكل وضوح عندما تحدت الرئيس ترامب ، و ابطلت مرتين مراسيمه التي أصدرها بمنع مواطنين من سبع دول إسلامية من زيارة الولايات المتحدة ، الاصلية منها و المعدلة .
في أمريكا ، و دول أوروبية عديدة ، هناك شركات محاماة كبرى ، تتخصص في رفع دعاوى امام المحاكم نيابة عن “ ضحايا ” ، على أساس قاعدة قانونية تقول : ( لا ربح للقضية ، لا رسوم -NOWin.. No FEES ) ، أي انها تحصل على اتعابها بعد الفوز في القضية و الحصول على تعويضات من الجهات المتهمة .
و من المؤكد ان شركة محاماة “ كريندلر اند كريندلر ” العملاقة تتبع هذه القاعدة القانونية ، لأن معظم أهالي الضحايا لا يملكون الإمكانيات المالية التي تؤهلهم لتحمل نفقات قضية بهذه الضخامة ، و تصل تكاليفها عدة ملايين من الدولارات .
الشركة المذكورة لم تحدد أي سقف للمبالغ التي تطالب بها كتعويضات لموكليها ، و لكن يكفي الإشارة الى ان ولاية نيويورك وحدها تقدر خسائرها المادية الناجمة عن تدمير مركز التجارة العالمي ، و مبان أخرى ، و مصالح تجارية تضررت ، بحوالي مئة مليار دولار .
و هناك تقديرات غير رسمية تؤكد ان الحجم الكلي للتعويضات قد يصل الى أربعة تريليون دولار ، ان لم يكن اكثر .
لا نعرف ما اذا كان الأمير محمد بن سلمان ناقش هذه القضية مع الرئيس ترامب عندما التقاه في البيت الأبيض ، و وصف في الاعلام السعودي اللقاء بأنه “ تاريخي ” ، أسس لعلاقة استراتيجية .
و لكن ما نعرفه ان ترامب لا يملك أي قدرة قانونية تؤهله للتدخل في الشؤون القضائية الامريكية ، تماما مثلما عجز توني بلير رئيس وزراء بريطانيا ، و من قبله سلفه جون ميجور ، عن ترحيل المعارضين السعوديين الدكتورين سعد الفقيه و محمد المسعري ، بطلب سعودي مقرون بتهديد بإلغاء صفقة اليمامة للأسلحة التي تقدر قيمتها في حينها بحوالي ٧٠ مليار دولار .
المملكة العربية السعودية تقف حاليا على أبواب عملية “ ابتزاز ″ مالية مزدوجة .
الأولى : من الرئيس ترامب الذي يريدها ان تمول مشاريع إعادة بناء البنى التحتية الامريكية ، او جزءا منها مقابل مظلة الحماية الامريكية التي تمتعت بها لعقود .
و الثانية : من المؤسسة القضائية الامريكية ، على شكل تعويضات مالية ضخمة .
هذه هي ثمرة التحالف السعودي الاستراتيجي مع الولايات لمتحدة المستمر منذ ثمانين عاما على الأقل ، خاضت خلالها المملكة كل حروب أمريكا ، بما في ذلك في العراق و ليبيا و سورية و اليمن ، و ضد الشيوعية في أفغانستان ، و دون مقابل ..
والسؤال الذي يطرح نفسه
من اين ستسدد المملكة هذه الفواتير في ظل خواء الميزانية ، و تبخر معظم الاحتياطات المالية ، و تراجع أسعار النفط ، و حرب استنزاف في اليمن و سورية ؟