الحصاد الإخباري
ثمة معايير يمكن من خلالها قياس قدرة المسلحين على تحقيق الأهداف والشعارات التي يرفعونها عند إشعالهم لكلّ معركة من معاركهم ضدّ الجيش السوري. هذه المعايير تحدّدت في سياق تجارب المعارك الكثيرة، ولا سيما في محافظة حلب. مثلاً، عندما قام الجيش السوري وحلفاؤه بتحرير أجزاء واسعة من الريف الشمالي، وفك الحصار عن نبل والزهراء، شنّت الجماعات المسلحة سلسلة من الهجمات لتعطيل هذه العملية أو تأخيرها، ولا سيما في مزارع الملاح ومخيم حندرات وعلى محاور الكاستيلو. ولكن كان واضحاً أنّ الهجوم الأول الذي استخدمت فيه المفخخات والانغماسيين حقق نجاحاً أولياً، ولكن هذه النجاحات تتقلص وتتراجع مع توالي الهجمات إلى أن تستنفذ قدرة المسلحين على تنفيذ المزيد، وعندها يحقق الجيش السوري ما يسعى إلى تحقيقه كهدف أوّلي لمعركته، على عكس الشعارات والأهداف التي وضعها المسلحون لهجماتهم لإيقاف عملية الجيش السوري.
تكرّر الأمر عندما قرّر الجيش السوري وحلفاؤه أولاً محاصرة المسلحين في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، وثانياً تحرير هذه الأحياء وإخراج المسلحين منها.
في المرة الأولى ادّعت الجماعات المسلحة بعد هجمات نفذتها أنها فكت الحصار عن المسلحين في الأحياء الشرقية، تماماً مثل ادّعائها بأنها تمكّنت من فك الحصار في هجمات عبر جوبر عن المسلحين في القابون، ليتبيّن أنّ ما حققته من تقدّم ميداني كان مؤقتاً وظرفياً ولم يستمرّ إلا أياماً قليلة.
وثانياً، عندما بدأت هذه الجماعات هجوماً على ضاحية الأسد لتعطيل إخراج المسلحين من الأحياء الشرقية حققت في البداية بعض التقدّم، ولكن هجماتها تراجعت بالتدريج مثل تراجع هجماتها لفك الحصار عن مسلحي الأحياء الشرقية، وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه من إخراج المسلحين من هذه الأحياء.
الآن يتكرّر السيناريو ذاته. ففي الهجوم الأولي عبر جوبر الذي نفذ بتاريخ 19-3-2017 حقق المسلحون تقدّماً وسيطروا على معمل الكراش وشركة الكهرباء ورحبة المرسيدس واقتربوا من كراج العباسيين. ولكن الهجوم الثاني الذي شنّه المسلحون بتاريخ 20-3-2017 كان التقدّم فيه محدوداً، ولم يحققوا ما حققوه في الهجوم السابق، أيّ تراجعت قدرتهم بالقياس للهجوم السابق، وبكلّ تأكيد ستكون نتائج تقلص هذه الهجمات مماثلة لنتائج ما سبقها في محافظة حلب، وستكون ثمرة ذلك تحرير الأحياء التي قرّر الجيش السوري أن تكون خالية من السلاح والمسلحين.